السبت، 3 سبتمبر 2011

الحلقه الاولي من مذكرات منزلاوي (( شاهد علي العصر ))

استمع للجزء الاول من قصه حياته بصوته
 واحد وثمانون عاما عمر الحاج/السعيد السعيد البواب من بني شيبة حمله مفتاح الكعبه ليسانس شريعه وقانون دراسات عليا حقوق عين شمس مدرس بمدرسة الفريق عزيز المصري بالقاهرة  من المنزلة دقهلية شارع السلاموني  
 
قضي خمسون عاما في السجون والمعتقلات من عهد عبد الناصر ويحكي لنا قصه حياته المليئة بالاحداث فهو شاهد علي العصر سجلنا معه هذا الحلقات

العائلة الوالد رحمة الله هو السعيد محمد البواب  واصل عائلة البواب كما ذكر الجبرتي في تاريخه من بني شيبة الجد الاكبر من حملة مفتاح الكعبه كما امر الرسول ص لعلي اعط المفتاح يا علي لبني شيبة ظالم من ياخذه منهم والجد الاكبر جاء مع من فتحوا مصر مع عمرو ابن العاص ودفنوا بها ومنهم القعقاع بن عمرو التميمي وعائلة البواب بالمنزلة اكثرهم تجار اقمشه واقطان ومنهم جدي محمد واولاده عبد اللطيف وسيد احمد والسعيد والدي وقد تزوج بوالدتي الحاجة بهيه عبده الازهري وعائلة الازهري في الاصل تجار اقمشه واخواتي هم فاطمة ومحمد ومصطفي كمال وامينة وتركيان والسعيد انا وعبد الحميد رحمهم الله جميعا وقد ولدت في 21 مارس 1929وبمناسبة عيد ميلادي قلت
صادفت يا عيد عمري عيدين اما وزهرا (اي  عيد الام وعيد الربيع)
فهل تراك حياتي كالام عطفا وبرا
وهل تراك حياتي كالزهر حسنا وعطرا
تلك الثمانون مضت لله احيا فشكرا
شكرا لواهب عمري اعطاك شكرا وصبرا
وقد توفي والدي هو في الرابعه والثلاثون من عمره وكان لي من العمر اربع سنوات وفي ليله وفاته كنت نائما بجوار سريره وبجوار عمتي نفيسه فاستيقظت عندما علا الصراخ والبكاء ووجدت امي علي السرير بجوار ابي رحمه الله وهي تبكي فقفزت علي سرير والدي وكشفت وجهه وصحت ابا ابا فاذا به يفتح عينيه ويبتسم رحمه الله وبعد وفاه والدي كفلني خالي الحاج الاستاذ /عبد الحميد الازهري  رحمه الله ناظر مدرسة الرياح بالمنزلة وادخلني قسم حفاظ القران الكريم وكان المشرف علي القسم المرحوم الشيخ /علي عثمان وكان مع الشيخ توفيق حمادة في الطريقه الشاذلية والشيخ احمد زين الدين وله مسجد بالمنزلة  وحفظت القران الكريم في سن التاسعه وقد اقيمت مسابقه الدقهلية لحفظ القران ففزت فيها بجائزة المصحف (مصحف الملك فاروق ) ومبلغ جنيهان تقريبا وكانت رغبه والدتي رحمها الله ان التحق بالازهر وكان معهد الازهر الابتدائي بدمياط وكان شرط الدخول فيه الا اقل عن 12 عاما وان اكون حافظا للقران كله مجودا وفي الحساب   وباقي المواد الي اخر ذلك وقد اجتزت امتحان القبول ونجحت واقمت بدمياط اربع سنوات من سنة 1941 وحتي 1945اتردد علي المعهد الازهري الابتدائي بدمياط  وحولت اوراقي بعد نجاحي في الابتدائية الي معهد القاهرة الثانوي الازهري لاعيش مع اخي المرحوم المهندس /مصطفي كمال مهندس مساحة واقيم معه وكذلك معنا خالي المرحوم /سعد الازهري كان بكلبة الحقوق واحببت ان اجمع بين الازهر والحقوق فذاكرت ابتدائي منزلي وثقافه وتوجيهي ادبي والتحقت بكلية الحقوق بجانب كلية الشريعه والقانون وكنت اعمل مدرسا
اما عن صلته بجماعه الاخوان المسلمين ففي الحلقه القادمة ان شاء الله  

مع والدته الحاجة بهيه عبده الازهري وهو في الخامسه والعشرين من عمره عندما خرج بعد وفاه عبد الناصر وقبض عليه السادات مره اخري  بعد  اصبح رئيس الجمهورية 
*******

الحلقه الثانية من مذكرات منزلاوي (( شاهد علي العصر ))


                        الحلقه الثانية
عندما كنت في ابتدائي كنت في شعبة الاخوان بالمنزلة وكان من روادها محمد قاسم صقر وكانت لا علاقه لها بالسياسة كانت فقط لتحفيظ القراه ولعب الرياضه ثم انتقلت في شعبة الاخوان  بالعباسية بالقاهرة وكنت امير مجموعه سرية وكان رئيس المجموعات السرية بالعباسية الدكتور /محمد عبد اللطيف البحراوي وكان دكتوراه في التاريخ وكان قد امرني علي مجموعه التنظيم السري العسكري بالعباسية وحقيقه جماعه الاخوان المسلمين ونشاتها  لم اعرفها الي من الشهيد اللواء صلاح شادي رئيس تنظيم الشرطة للاخوان ونحن معا في سجن المحاريق بالواحات فقد نفي فيه بعد ان حكم عليه جمال عبد الناصر بالاعدام ثم خفف الحكم بالمؤبد وقابلته هناك وقال لي ان الشيخ الاودن رحمة الله هو الذي اقام هذه الجماعه وكان الشيخ الاودن مشهور بعلمة وبتمسكة بالاسلام ولم يقبل ان يكون رئيسا او مرشدا  وشريعه الاسلام  وكلف حسن البنا بهذه المهمه وكانت الاحزاب في مصر حزب الوفد والسعدي والاحرار والمستقلين وكان الملك فاروق لا يعترض علي جماعه الاخوان المسلمين كحزب وعندما علم بهدف الجماعه بالحكم بشرع الله فقال دعهم يعلموا الشعب الشرع ومنهاج الشرع  وترك الملك فاروق حسن البنا يقيم دولة داخل دولة تنظيم في الجيش وتنظيم في الشرطة وتنظيم مدني وكان المسئول عن تنظيم الجيش هو الفريق عبد المنعم عبد الرؤف والمسئول عن تنظيم الشرطة  اللواء صلاح شادي والمسئول عن التنظيم المدني السري هو عبد الرحمن السندي وان اساس فكرة الاخوان هو الشيخ الاودن  ولم يقبل رئاسه الجماعه وكلف حسن البنا بالرئاسه  وكان الملك فاروق يقول لم  يعترض علي هذه الجماعه بانها حزب كأي حزب  وكان حسن البنا قد اعطي عبد الرحمن السندي الحرية الكاملة في التصرف وهو الذي حكم علي الخازندار المستشار الذي حكم علي احمد عادل كمال في قضية سيارة تحمل مفرقعات بشهور  سجنا فحكم عليه بالقتل وكل الذي حكم بشهور فقال لحسن البنا دا شغله هو حر يعمل اللي هو عايزة ثم ذهب محمود فهمب النقراشي الي مجلس الامن يطالب بجلاء الانجليز وهو عائد ليدخل مجلس الوزراء امر السندي بقتله  وجاء بطالب طب بيطري وهو عبد المجيد حسن وامره بضربه بالرصاص وهو داخل فتعجب جدا صلاح شادي وذهب الي حسن البنا للمره الثانية وساله لماذا فقال له مره اخري هو حر  دي شغله فقال له اذن هو المرشد وقال الملك حينما سمع ذلك كله هذه اعمال فردية  الي ان وصله الخبر بان الدور عليك فصاح قائلا
اريد حياته ويريد قتلي انا بالله منكم مستجير
وامر بحل جماعه الاخوان وايداع حسن البنا منزله  لا يخرج الا بمرافقه ضابط المباحث الجزار  وبينما كان حسن البنا ذاهب الي دار الشبان المسلمين ضربه الجزار فوقع قتيلا جزاء خيانه العهد وتسليم السلطة  للسندي ليقتل من قتله واما عن صلاح شادي رئيس تنظيم الشرطة فقد حكم عليه عويس (( جمال عبد الناصر ) بالاعدام بعد كسر ظهره في السجن الحربي ليعترف علي تنظيم الشرطة فلم يعترف ثم خفف الاعدام الي المؤبد  ونفي الي سجن المحاريق بالواحات وهو الذي قابلته فيه وحكي لي كل ما قلته عن الشيخ الاودن وحسن البنا  اما عن عبد المنعم عبد الرؤوف رئيس تنظيم الجيش فهو الذي حاصر قصر الملك فاروق ليتنازل لابنه احمد فؤاد عن املك وكان يبلغ من العمر 7 اشهر  وكان قبل الانقلاب الذ راه الاستاذ الهضيبي رئيس الحركة وسيلة لتحكم مصر بشرع الله كاملا فنادي عويس (جمالعبد الناصر) ولتنظيم الشيوعيين باسم موريس كما ذكر السادات في كتابه قصه الثورة  وهو ليس من الاخوان في الحقيقه ولا من الشيوعيين  قال له الهضيبي قبل  نجاح الانقلاب  ما رايك حينما ينجح الانقلاب  فستكون لكم السلطة والرياسه  ومصر تحكم بشرع الله ونحن جنود لكم ما رايكم ؟؟ قال جمال عبد الناصر موافق فقال له الهضيبي سجل بصوتك ((عاهدنا الله علي تقنين الشريعه والحكم بها بعد نجاح الانقلاب الذي سيقوم به الاخوان المسلمون وهذا عهد الله عليا تنفيذه  وحمل الشريط المسجل حسن العشماوي ابن وزير المعارف محمد العشماوي من الزرقا ثم نجح الانقلاب ودخل علي ماهر علي الملك فاروق وطلب منه التنازل لابنه احمد فؤاد وسيكون عليه مجلس وصايه حسن ابراهيم ورشاد مهنا فلا تخف فصاح الملك فاروق هاتولي ابني انا لا اريد شيئا غيره فقال له علي ماهر اطمئن  يا جلاله الملك فسيكون في رعاية الله  وبعد نجاح الانقلاب نادي الهضيبي علي عويس (جمال عبد الناصر )وقال له يا جمال اتفقنا علي ايه فقال مش فاكر هات التسجيل يا حسن اليس هذا صوتك قال له اه بس يعني فصاح فيه الهضيبي  يعني ايه انطق فقال له الانجليز فصاح الهضيبي الانجليز مالهم ومالنا دا دستورنا  ومفيش حد يتدخل في دستور دوله او دينها اقول لك ارجع السكنات انت خائن  وكذاب دع الحكم للشعب فهز راسه هزة الغد........

 
اكمل الحاج السعيد قائلا قام عبد الناصر بتمثيلية المنشية في الاسكندرية واتوا له باخ سمكري من امبابه اسمه محمود عبد اللطيف ليضرب رصاص تفاريح وهو علي المنصه يخطب في الشعب  وورائه المخبرون واذا به عندما سمع رصاص التفاريح  يقول سيبوه انا اللي خلقت فيكم الكرامة  انا اللي خلقت فيكم العزه اذا مات عبد الناصر كلكم عبد الناصر ونزل من المنصه وامر باستمرار حل جماعه الاخوان وتشكيل محكمة لمحاكمة قيادة الاخوان  وحكم علي الاستاذ الهضيبي بالاعدام ثم خفف الحكم الي المؤبد مع ايداعه في منزله بمنيل الروضه وحكم بالشنق علي تسعه واعدم معهم محمود عبد اللطيف صاحب رصاص التفاريح بالمنشية ومنهم عبد القادر عوده وكيل الحرجة الاسلامية  والشيخ فرغلي واعظ القنال وهنداوي دوير وابراهيم الطيب ويوسف طلعت وارسل امره الي الصحف تنشر طلب القبض علي 123 اسم منهم اسمي سعيد البواب فغيرت عنواني من العباسية الي الجيزة مع خالي المستشار سعد الازهري ثم جاءت اخت من الاخوات لي بخطاب من رئيس الحركة الاسلامية في العباسية الدكتور محمد البحراوي يطلب فيه مني زيارتهم في ليمان طره وفعلا استخرت الله فوجدت انه لابد من زيارتهم فتوجهت الي الليمان وكان الذي يراقب الزوار صلاح حلمي ضابط مباحث وكان صديقا لخالي المستشار سعد الازهري  وحذره عندما اعلن اسمي في المطلوب القبض عليهم من ظهوري المهم وانا واقف امامهم والزيارة لمده ربع ساعه زيارة سلكية اخرج خطابا من تحت السلك  وقال لي ارجو ان تسلمه لحامد الغمراوي في العباسية صاحب ورشه نجارة لاجل ان يهتم باسر المسجونين هنا ووضعته في جيبي واذا بالزيارة تنتهي  بالصفاره  فيقول صلاح حلمي للمخبرين ورائي امسك الولد دا فضحكت فقال  وبتضحك يعني ..فين الجواب فاعطيته الجواب فقال لي هل تعرفه فقلت نعم صاحب ورشه نجارة في العباسية قال لي انت معاك بطاقه فاخرجت له 3 بطاقات  (شريعه وقانون- وحقوق عين شمس ومدرس قال بلهفه شديدة هو انت يا جرائتك يا اخي يلا بينا ودخلني محطة المترو وحاول ان يفتشني فقلت له ليس معي غير ربع جنيه فقال لي يلا علي الداخلية فذهبنا الي الداخليه  وكتب المحضر وقال لي هل تعرف الدكان بتاع حامد الغمراوي قلت نعم في العباسية  وكان مغلقا يوم الجمعه فقال لي اين منزلة قلت لا اعرف قال يلا علي الح ربي  وكان قائد السجن الحربي يسمي حمزة بسيوني وكان لي مع هذا السفاح موقف صعب تعرفونه في الجزء القادم  



الحلقه الثالثه وحكايتي مع قائد السجن الحربي (( حمزة بسيوني ))

**************************************

                                         
توقفنا في الجزء السابق عندما ارسل لي رئيس الحركة الاسلامية في العباسية الدكتور محمد البحراوي خطاب يطلب فيه مني زيارتهم في ليمان طره وفعلا استخرت الله فوجدت انه لابد من زيارتهم فتوجهت الي الليمان وكان الذي يراقب الزوار صلاح حلمي ضابط مباحث وكان صديقا لخالي المستشار سعد الازهري  وحذره عندما اعلن اسمي في المطلوب القبض عليهم من ظهوري المهم وانا واقف امامهم والزيارة لمده ربع ساعه زيارة سلكية اخرج خطابا من تحت السلك  وقال لي ارجو ان تسلمه لحامد الغمراوي في العباسية صاحب ورشه نجارة لاجل ان يهتم باسر المسجونين هنا ووضعته في جيبي واذا بالزيارة تنتهي  بالصفاره  فيقول صلاح حلمي للمخبرين ورائي امسك الولد دا فضحكت فقال  وبتضحك يعني ..فين الجواب فاعطيته الجواب فقال لي هل تعرفه فقلت نعم صاحب ورشه نجارة في العباسية قال لي انت معاك بطاقه فاخرجت له 3 بطاقات  (شريعه وقانون- وحقوق عين شمس ومدرس قال بلهفه شديدة هو انت يا جرائتك يا اخي يلا بينا ودخلني محطة المترو وحاول ان يفتشني فقلت له ليس معي غير ربع جنيه فقال لي يلا علي الداخلية فذهبنا الي الداخليه  وكتب المحضر وقال لي هل تعرف الدكان بتاع حامد الغمراوي قلت نعم في العباسية  وكان مغلقا يوم الجمعه فقال لي اين منزلة قلت لا اعرف قال يلا علي الحربي   واتجهت معهم الي السجن الحربي وهو الذي يسمي جحيم عبد الناصر وفيه زنزانه للحشرات علي النافذه ومن الداخل  وزنزانه ثلاجة  وزنزانه بوتجاز مشتعل  وقد كان مدير السجن الحربي هو ((حمزة بسيوني )) فحينما اقبلت علي باب السجن  وكان واقفا  اذا به يهجم علي المصحف الذي بيدي  وينزعه بقوة  وجعل يمزقه ويدوس عليه بقدميه  ويصيح قائلا  لو جاء ربكم يا ابن دين الكلب لوضعته في الزنزانه  فصحت فيه مزقك الله يا كافر يا مجرم مزقك الله فاذا بجنوده يهجمون علي ويخلعون ملابسي  واستمر الضرب بالسياط يمزقون جسمي واصبحت كتله من الدم  والقوني في زنزانه الحشرات  وقد شاء الحق عز وجل ان يستجيب دعائي عليه  فقد هجم عليه وهو يركب سيارته في طريق مصر اسكندرية  الفدائي (محمود زينهم )  فمزقه باسياخ الحديد امام زوجته في السيارة  .
واستمر ضربي بالسياط في الزنزانه وفي الليل اخرجوني الي الضابط للتحقيق معي في مكتبه  وبينما انا داخل اذا شاهدت امام المكتب عربه معباه بالرمل والزلط امام حفره  ورايت بداخلها اخا يريدون وأده وحينما دخلت عليه صاح في قائلا شايف اللي امامك في الحفره  هتكون زييه  اذا لم تعترف علي المجموعات السرية  بالعباسية
فقلت له انا لا اعرف عنها شيئا  انا شريعه وقانون ومهمتي نشر الدعوة فصاح في يالا علي الزنزانه  واستمر هذا التعذيب  اربعين يوما  وقد اصبح وزني خمسه وثلاثون  بعد خمسه وثمانين ثم حولوني للمحكمة (محكمة الشعب ) التي اقامها (عويس الغدر) جمال عبد الناصر  لمحاكمة المسجونين بالحربي وكان رئيسها اللواء (صلاح حتاته )والذي وجدوه مده سبعه ايام بشقه سرية طريحا علي الارض بجواره باروكات الشعر وكاسات الخمر  والجوزة والحشيش وهذه هي عاداتهم " فعبد الحكيم عامر مع وردة  وصلاح نصر مع اعتماد خورشيد  والسادات مع همت مصطفي  وغيرهم  وحينما دخلت علي صلاح حتاته  رئيس محكمة الشعب  صاح في  قائلا : هتقولي شريعه وقانون وحقوق عين شمس  ومدرس امشي عشر سنين فضحكت  فتعجب العسكري  قائلا يعني بتضحك  فقلتله  يابني بعد اربعين يوم افقد الوعي مئات المرات تحت التعذيب الرهيب  فالداخل مفقود والخارج مولود ثم رحلوني الي سجن بني سويف  وقد امر جمال عبد الناصر  بترحيل المحكوم عليهم بالاشغال الشاقه من الليمان الي الواحات في الخيام الي ان يقوم ببناء سجن المحاريق بالواحات عنبرين للشيوعيين وعنبر للاخوان لكن الشيوعيين حينما حضر الي مصر (خرشوف ) افرج عنهم  وكانت العنابر نصف للمسجونين الذين يديرون مرافق السجن من فرن ومطبخ ومغسل ورحل من في السجون الي سجن المحاريق  فرحلت مع من رحلو الي المحاريق بالواحات وكان علي راس من رحلوا الي الواحات من الليمان والسجون من الاخوان ( عمر التلمساني وحامد ابو النصر واحمد شريت وقد  توفي بالواحات وهؤلاء من اعضاء مكتب الارشاد وكان يلازمهم (مصطفي مشهور ) ومن قاده الاخوان (اللواء صلاح شادي ) رئيس تنظيم الشرطة للاخوان وهو الذي حكم عليه عويس الغدر بالاعدام ثم خفف الي المؤبد ونفي الي الواحات وحينما عرض عليه جمال عبد الناصر ان يكون وزيرا للداخلية قال له نعم يا سي عويس هو انت فاكرني ( الباقوري ) الذي عينته وزير للاوقاف ثم اقلته واتهمته  بانه زير نساء  وكان اللواء صلاح شادي في السجن محمد رشاد المنيسي  ضابط شرطة ومحمد كمال عبد الرازق  ومن الاخوان حسن عليان ومحمود ابوريه ومصطفي الكومي وعادل فريد ورسمي سلامة  ومحمد عماره  وفوزي نجم وابو الفتوح الشيخ وسعد خميس واحمد حامد وسعد سعيد منسي ومحمد شاكر خليل ورشاد البيومي واحمد كامل وغيرهم  وقد كنت اجلس تحت  شجرة صفصاف اقرأ القران واكتب من الشعر ما يلهمني الله به بالتامل في خلق الله في الواحات من بساتين وطيور متعدده مما اذكره من قولي عن الطيور المتعدده
أرايت ابلق الفصاد مودعا
وكحيل تشكو لليمام قراها
تنساب في الافق الرحيب كانها عنقود فوق صدر سماها
سبحان رب الكون ابدع ايه
ايات لا تحصي ولن يغيب سناها
وبينما انا جالس اقرأ واكتب  اذا بمصطفي مشهور يسرع وبيده قلم وورقه فناديته (فيه ايه يا مصطفي ) فقال وقد خبأ القلم والورقه في جيبه (مفيش حاجة ) واسرع الخطواط فذهبت الي (حسن عليان) من عرب جهينه بلد الاستا حسن الهضيبي اساله عما رايته   من مصطفي مشهور فقال ليه يعني انت مش عارف؟؟ فقلت عارف ايه ؟؟؟

( 4 ) تابع

 
توقفنا عندما كنت  جالس اقرأ واكتب  اذا بمصطفي مشهور يسرع وبيده قلم وورقه فناديته (فيه ايه يا مصطفي ) فقال وقد خبأ القلم والورقه في جيبه (مفيش حاجة ) واسرع الخطواط فذهبت الي (حسن عليان) من عرب جهينه بلد الاستا حسن الهضيبي اساله عما رايته   من مصطفي مشهور فقال ليه يعني انت مش عارف؟؟ فقلت عارف ايه ؟؟؟  فقال لي رحمه الله مصطفي مشهور كلفه عمر التلمساني  وحامد ابو النصر  بان يمر علي الاخوان  غير المتحمسين  ليوقعوا علي التاييد لعبد الناصر والتبرء من الجماعه  فقلت له وهل لدي الاستاذ الهضيبي قائد الجماعه علم بهذا فقال لي نعم .. وذهبت اليه اخت من الاخوات  وسالته عن رايه في هذا التاييد والتبرء من الجماعه فقال لها بانفعال قولي لهم  لا تبرحوا الجبل  اثبتوا علي الاستمساك بالجماعه  والاسر مكفولة  وهل نسوا ما حدث من الغادر الكافر الظالم الفاسق من واد الاخوان في السجن الحربي  واعدام من شنقوا ومن ضربوا بالرصاص في الليمان وهم الان في المنفي فبعد ما سمعته من راي قائد الحركة ومن له حق السمع والطاعه فيما يراه موافقا للشرع فقمت بكتابه مذكرة ولم  ابداها بالبسملة بل قلت :-
(رب بما انعمت علي فلن اكون ظهيرا للمجرمين ) اما بعد
فقد خنتم الله ورسوله وقائدكم فالله عز وجل يقول ( لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار) وقد ركنتم بهذا التاييد والرسول صلي الله عليه وسلم     يقول "من مشي مع ظالم  وهو يعلم انه ظالم انه ظالم فقد برئت منه زمة الاسلام ووقد مشيتم بتاييدكم له  وقائدكم الذي له حق السمع والطاعه في المنشط والمكره قد خنتم البيعه له فانت مرتدون والرسول يقول (من بدل دينه فاقتلوه) فانتم تستحقون القتل واعطيت هذه المذكرة لعمر التلمساني  وحامد ابو النصر فما كان منهما الا ان سلموا الرساله الي مدير السجن  الرائد (ممدوح نوير )وطلبو منه التصرف معي فناداني  وقال لي لماذا هذا وهم يريدون الخروج والعفو عنهم فقلت له هذه عقيدة ومن اجلها قتل وشنق وضرب بالرصاص من قتل  وشنق وقتل  وضرب بالرصاص ونفي بالواحات ومن العجيب ان ( سعد سرور ) يؤلف لهم نشيد الثبات الثبات يا جنود الاله  فاين هو الثبات فقال لي يعني دا رايك خلاص ملكش دعوه بيهم  هذا رايهم وهذا رايك  وانصرفت .
واذا بعمر التلمساني  وحامد ابو النصر يسالون  المامور عما فعله معي فقال لهم هوه رايه كده وانتم رايكم كدا فقالوا له ابعده عنا فهم خطر علينا فصاح فيهم خطر عليكم ازاي  فقالوا له جايز يسمم لنا المطبخ  احنا والشيوعيين فقال لهم بانفعال منين هجيب السم انتم عاملين مسلمين ومع هذا فابعدوني عنهم فنقلني مع المساجين الذين يديرون مرافق السجن من المطبخ والفرن والمغسل ومما اذكره  ان احد المساجين الذين عشت معهم من المعابدة شرقية واسمه عباس الصعيدي راني وانا اقرا فقال لي والنبي يا عم السعيد نفسي اكتب اسمي (عباس) فقمت بجمع ورق الاسمنت وعملت له كراسية له الحروف الابجدية  حتي حفظها  وكتبها وحفظ السور القصيرة  ثم بعد اجادته الكتابه  كتب خطاب لابنه فجاء يوره وساله متعجبا انت الذي كتبته قال نعم قال ومن الذي علمك الكتابه فاشار الي وقال (عمك السعيد هذا ) فانكب علي يعانقني ويقبلني
ولك يكتف عمر التلمساني وحامد ابو النصر بهذا بل اصروا علي نقلي من السجن ورغم انفعاله فيهم الا انه قد ارسل في طلب طبيب سجن قنا ليرحلني اليه وحضر الدكتور(موريس ) وناداني

(5 ) تابع

واكمل الحاج سعيد البواب (ولم يكتف عمر التلمساني وحامد ابو النصر بهذا بل اصروا علي نقلي من السجن ورغم انفع مدير السجن  فيهم الا انه قد ارسل في طلب طبيب سجن قنا ليرحلني اليه وحضر الدكتور(موريس ) وناداني
السعيد الواب بعد خروجة من السجن الحربي
وبعد ان عرف منهم ما كتبته لهم  وانهم مرتدون  يستحقون القتل  لتايدهم الحاكم الظالم  الغادر  قال لي " اهو كلام  يا سعيد علشان يروحوا بيوتهم  فوافقهم علشان تروح  فقلت له سيادتكم مسيحي قال نعم فقلت له هل انت اورثوذكسي او بروتستنتي او كاثوليكي او اصولي انجيلي  فضحك  وقال ايه اللي عرفك  بهذه الطريقه فقلت له علم مقارنه الاديان بكلية الشريعه  وناجح فيه بامتياز  فقال وهو يضحك انا اورثوذكسي فقلت له هل تقبل ان تكون كاثوليكي او بروتستنياو اصولي انجيلي فقال لا  فقلت له وانا كذلك  لا اتخلي مطلقا عن عقيدتي فقال لي انت حر  وامر بترحيلي الي سجن قنا  وفوجيئت بترحيل (رشاد البيومي ) معي لكي  يحرض المساجين علي  وقد اتضح لي هذا باعتداء المساجين علي فلا استطيع المكث في الزنزانه  فهذا يجذبني وهذا يضربني  واخر يشتمني  فصحت فجاء الضابط متعجبا لماذا فعل بك هذا ؟؟ وامر بترحيلي الي سجن مصر  ثم تحويلي منه الي مستشفي الامراض العقلية  بامر (عويس الغدر )جمال عبد الناصر  فقد اعلمه عملاؤه بالواحات بان عندنا مسجون  يستحل دم من يؤيدك  ويتبرأ من الجماعه  فامرهم اما بقتلي او ايداعي مستشفي  المجانين   ورحلت من سجن مصر الي المستشفي  بالعباسية  وكان مديرها مسيحيا  فلما عرف ما حدث بيني وبين الاخوان المؤيدين  لعبد الناصر  والحكم عليهم  بالارتداد والقتل فقال لي يا سعيد  اهو كلام علشان  تروحوا  فقلت له ما قلت لموريس  طبيب سجن قنا فقال لي انت حر  هذا رايك  وهذا رايهم  ثم امر بعد مده بترحيلي ال معتقل طره  واخبر من ساله بانني ليس عندي اي مرض عقلي او نفسي  من فصام او هياج او فقد زاكرة  او جنون عظمة  وفي هذه المده التي عشتها بالمستشفي رايت حوادث عجيبه فكتبتها وعنوانها دنيا المجانين يا عبد العال وهو مدير معتقل طره العميد عبد العال سلومة  وكان له معرفه بخالي المرحوم المستشار سعد الازهري  وجعلت هذا العنوان  بعدما عرفت من مدير المستشفي بترحيلي  الي معتقل طره  ورحلت فعلا  ودخلت علي العميد (عبد العال  سلومه ) واعطيته ما كتبته  بعنوان (دنيا المجانين يا عبد العال ) فقال متعجبا  ضاحكا (عبد العال حاف كدا ياله) فقلت له المهم إقرأ  ومما كتبته فيها ان طالبا بكلية الطب قتل امه فاحيل الي المستشفي  وبينما هو جالس مع المرضي  بفناء المستشفي  يسمع الي كلامهم  وضحكهم فسمع احدهم يسال زملاءه " يا حلبسه بقالك كم سنة  فقال ستة عشر  وسال الاخر وانت يا حرنكش فقال ثمانية عشر  وانت يا حندقوق فقال تسعه عشر فقال طالب الطب قاتل امه انا لسه هقعد 16-18 سنة لا مش ممكن وانطلق الي دورة المياه  وعلق بنافذه حبلا  وشنق نفسه  واخر هاج وجعل يشتم الممرضين  يا حرامية فين حاجة الزيارة بتاعتي فين المعلبات والسجاير  يا ولاد الكلب  فهجموا عليه  وسقوه فنجانا من (البراندهاين ) والقوا به في الفناء فمات  ووجدت الغذاء خال من اللحم والبيض او الفاكهه  وقد استولي عليها الممرضين  والعمال من اجل هذا كتبت (دنيا المجانين يا عبد العال )  والمهم ان عبد العال عندما قراها  جعل ينظر الي بدهشه  عجيبة ويقول  يا بن الايه  انت لسه عايش ؟؟

( 6 ) تابع

ولم يكتف (عويس الغدر  بغدره بالاخوان  وقتلهم وشنقهم ونفيهم الي الواحات بالمحاريق  بل غدر بالشهيد (سيد قطب ) واتهمه بتدبير انقلاب عسكري  مع انه يقوم بنشر الدعوة وتفسير القران (في ظلال القران )فيسجنه ويسجن اخته امينة وحميدة قطب مع زينب الغزالي في السجن الحربي  ومعهن (عليه الهضيبي وهو حامل  وغيرهن من الاخوات  ويامر السفاح حمزة البسيوني  بتعذيبهن اقسي من تعذيب  الرجال  وقد كتبت (زينب الغزالي )  كتابها ايام من حياتي  وذكرت فيه كيف ادخل عليها في الزنزانه  وهي تصلي ) عسكري للاعتداء عليها فلما راها تصلي لم يجرؤ علي الاعتداء عليها  واذا بصلاح نصر يهوي عليه بالسياط حتي غاب عن الوعي  وفي هذه الفتره كان  رئيس الحركه  الاسلامية الاستاذ حسن اسماعيل  الهضيبي  في معتقل طره  ومعه اولاده الثلاثه (اسامه والمامون  واسماعيل  وعليه الحامل بالسجن الحربي  ومع مرض الشهيد سيد قطب  فقد حكم عليه بالشنق  وبينما نحن بالمعتقل  والاستاذ حسن الهضيبي يجلس امام حجرة التمريض اذ اسرع نحوه احد الاخوان  وهو يصيح يا استاذ يا استاذ  فقال له ايه يا بني  فقال له ( عبد الناصر وقع في المطار ميتا )فقال له ما هو مات  من يوم ما غدر بكم  فالبسم الذي قتل به الملك فاروق  في ايطاليا  قتله به السادات  وقد اتفق علي التخلص منه فهو السبب في النكسه  فلم يقبل ان نضرب نحن الضربة الاولي كما اراد عبد الحكيم عامر  وقال كلا  لابد ان  نظهر امام العالم  اننا معتدي علينا  وقد قال السادات لحسني مبارك  سوف اعرض علي عبد الناصر فكره التخلص من ملك الاردن  حسين بن زين الترانزوستر  كما اسماه  لانه لم يقف معنا في النكسه  وندعوه لتحسين العلاقات  وامير الكويت  وكما فعلنا بالملك فاروق  نقدم له كاس  ( السيانيد) فاقره حسني علي هذا  بعد ان علم ان المقصود بالكاس هو (عويس الغدر )  وفعلا استدعي الملك حسين لزيارة القاهرة  ومعه امير الكويت  واقيم الحفل ووضع الكاس امام (عويس الغدر ) وهو يعتقد انه الموضوع امام الملك حسين  وبعد ان شربه وانطلقوا الي المطار  ليتكلم في التليفون  مع من طلب مكالمته  اذا به يقع في المطار  فقلت :-
مترنحا عبر المطار تخونه قدماه
اين راح عنيد
اضحي غريقا ببول الشعب مرتعه
ماء المجاري وما ينجيه موجود ( وقد انفجرت ماسورة المجاري في قبره  بكبري القبه  يتبول عليه الشعب ) 
وبقيت يا حسن الهضيبي ايه  ان الاله مع المظلوم موجود
وبقيت يا عبد الرؤوف ايه وبقيت يا شادي ايه  اللذان حكم عليهما بالاعدام
فهل حدث في التاريخ مثل ما اجترمه هذا الغادر الكافر  من تعذيب رهيب في السجن الحربي  الذي اسماه (جحيم عويس )  وواد وشنق وضرب بالرصاص  ونفي بالواحات  وهل حدث في التاريخ الحكم بالاعدام علي طفل  عمره 7 شهور وهو ( ولي العهد  احمد فؤاد )  الذي تنازل له ابوه  عن الملك  وحينما اعترض عليه اللواء محمد نجيب  قائلا لماذا تقتله  وهو يعتبر ابن الدولة  فصاح فيه ( لابد ان اخذ الشجرة من جدرها ) ملكش دعوة احنا جايبينك  امام الشعب  وذا به يحكم بايداع اللواء محمد نجيب في منزل زينب الوكيل  زوجة النحاس باشا  بالمرج بالقليوبية  حتي مات
وقد كنت بالواحات بالمحاريق  وبالخانكة اقرا القران  وتفسيره  واكتب الشعر  وفي ديواني (قالت وقلت )  وكتبت مقدمه الديوان عن الشعر  ومشروعيته

ومنذ 25 ديسمبر 2008 عندما خرجت  الي فبراير 2011  قمت بتاليف وطبع هذه الرسائل
الاسلام عقيدة وشريعه
النصائح الخالدة من القران والسنه
انتصار المسيح
المؤامرات الشيطانية  مسرحية للرد  علي الزنديق (سلمان رشدي) الذي يزعم  بان القران العظيم ايات شيطانية  وبتحريض من الموساد الصهيوني
اسماء الله عز وجل وصفاته
الخلفاء الراشدون
محمد رسول الله صلي الله علية وسلم
السحر كذب ووهم وخيال
مقتطفات من ديواني  وهي اخر ما طبعت ووزعت
واسال الله عز  وجل القبول والرضا والتوفيق الي كل ما يحبه ويرضاه

السعيد  السعيد محمد البواب 

=========================================
في ذكري مولد القعقاع بن عمرو التميمي 
بقلم السعيد البواب 

في ذكري القعقاع بن عمرو
يقول الله عز وجل " من المءمنين رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه  فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر  وما بدلوا تبديلا "
ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم (اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
ومن هؤلاء الابرار  القعقاع بن عمرو التميمي  بطل معارك (نهاوند) والذي قال فيه  ابو بكر الصديق  رضي الله عنه ( لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمر )وقال لخالد ( ارسلت اليك رجلا  بالف وهو القعقاع  بن عمرو  وقد اسلم مع وفد بني تميم هو وابوه واخوه  وقد اشترك في ( بدر واحد واليرموك و القادسية  والعراق والشام ومصر  واقام بمصر بعد فتح ( البهنسا (تانيس ) فقال له عمرو بن العاص ( طبت وطابت منزلتك يا قعقاع فسميت المنزلة  بدلا من تانيس  وذلك في ربيع الاول سنة 21ه وبني اول مسجد ويسمي بالمسجد العمري  وقد اقام بالمنزلة  ودفن في حجرته علي شاطئ البحيرة  وهي قبره الان  وقد جدد المسجد  الشيخ سويدان سليمان سنة 1342 هجرية  ثم اعيد تجديده بجهود اهل المنزلة ثم ضم للمساجد التابعه لوزارة الاوقاف
ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم
( ما من احد من اصحابي  يموت بارض الا بعث قائدا لهم ونورا يوم القيامة ) وتوفي القعقاع عام 40 هجرية  رحم الله تعالي القعقاع وال البيت والصحابه والتابعين جميعا  وكل احباب المصطفي  والمتمسكين بشريعته  ومنهاجه عليه الصلاه والسلام .
وفي مولده قدم تحية الشعر للقعقاع فاقول
ذكراك يا قعقاع  ** ضياء الروح والفكر
واصحاب محمد نور** وقدوه راغب النصر
وفي التوراه ذكرهم ** وفي الانجيل عزي الخير
كألف انت لا تهزم ** قوي القعقاع اذ تسري
فرس ورومان بادوا ** ونهاوند عبره الدهر
طبت وطابت منزلة ** بها القعقاع كالبدر
يبارك عمرو لقعقاع ** ويبني مسجد الذكر
خلود الذكر جائزة ** لقعقاع مدي العمر
دعاء سعيد لكم دوما ** احبه احمد القدر
رجال الصدق زكاهم ** اله الكون في فخر
واعظم امه كانت ** تزيح معاقل الكفر
تحرر عالما تبني ** صروح العدل والنصر
سلام الله قعقاع ** دعاء القلب والفكر

السعيد السعيد البواب من بني شيبة حمله مفتاح الكعبه ليسانس شريعه وقانون دراسات عليا حقوق عين شمس مدرس بمدرسة الفريق عزيز المصري بالقاهرة  من المنزلة دقهلية شارع السلاموني  
======================================
  مواقف شامخة للمستشار "حسن الهضيبي"



في ليلة (ليلاء) من ليالي جهنم الحمراء في السجن الحربي عام 1954م أيقظ "صلاح الشيشتاوي"- محافظ القاهرة- و"علي نور الدين"- المدعي العام- مجموعةً من (الإخوان)، حوالي 25 أخًا، وصفّونا صفين، على رأسنا الأخ الضابط اليوزباشي شرطة "إيراهيم الشاذلي"، ووراءه الأستاذ الإمام المرشد "حسن الهضيبي"- رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عنَّا وعن المسلمين خيرَ الجزاء وأسكنه الله مع حبيبه وصاحبه محمد- صلى الله عليه وسلم- فسيحَ جناته- ونحن من ورائهما صفان، والعسكر من حولنا؛ حيث الجو مشحون بالهول من شدة التعذيب.

ثم تحدث "علي نور الدين" وقال مقولة "الحجاج بن يوسف الثقفي": "أرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها.. وأنا حجاجها"، ثم أمر "إبراهيم الشاذلي" بأن يقول: يحيا "جمال عبد الناصر"، وبعد التردد قال الأخ "إبراهيم الشاذلي" ما أُملي عليه! ثم أتبع "علي نور الدين" الأوامر طالبًا منه القول: "يسقط حسن الهضيبي" فقالها! ثم طلب من الأستاذ المرشد العام الإمام "الهضيبي" نفس ما طلبه من الأخ "الشاذلي"! موقف رهيب في لهيب نار السجن الحربي ، فقال إمامنا: "يحيا أو يسقط جمال عبد الناصر ماذا تساوي؟".




المستشار حسن الهضيبي قبل وفاته

انظر إلى توفيق الله.. ما قال ما يريدون.. ثم ثنَّى بقوله "لقد قال الأخ سابقًا "إبراهيم الشاذلي": يسقط "حسن الهضيبي"؛ أي أنه لا زال مرشدًا عامًّا، فصل عضوًا، وأراد أن يثبت مَنْ وراءه، فلم يتزلزل ولم نزلزل: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 146).

  بعض الأسس التي اتبعها الإمام الهضيبي في إدارته للأزمات لتكون درسًا، وعلاماتٍ على الطريق لمن يسلكون طريق أصحاب الدعوات.

وأبرز هذه الأسس:
أولاً: الاعتماد على الله :
فالدعوة دعوة الله، وما وقف الإخوان هذه المواقف وما تعرضوا لتلك المحن إلا لله وفي سبيل الله، لذلك كان الاعتماد على الله سبحانه هو الأساس في المواجهة ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ (الطلاق:3).

فالاعتماد على الله سبحانه عنصر أساسي وبديهي في إدارة الصراع بين الحق والباطل، وهذا من صلب العقيدة؛ فالله هو المعين وهو الملجأ والملاذ وهو الغاية والهدف، ولا يجوز أن يديرَ مسلم مواجهةً بين الحق والباطل بدون طلبِ العون والغوث من الله سبحانه.


ثانيًا: التركيز على الثوابت التربوية :

يقول رحمه الله- موجهًا كلامه للإخوان محددًا دورهم ومهمتهم-: "إن الله جعلكم جنودًا لقضية الحق والفضيلة والعزة في وطنكم وفي العالم الإسلامي كله، وإذا كان من واجب الجندي المخلص أن يكون مستعدًا دائمًا لما يؤدِّي بكم إلى النصر في الحياة، فطهِّروا قلوبَكم وحاربوا أهواءكم وشهواتكم قبل أن تحاربوا أعداءكم، فإن من انهزم بينه وبين نفسه في ميدان الإصلاح أعجزُ من أن ينتصرَ مع غيره في معركة السلاح" (مجلة الدعوة 1397هـ)،

فهو هنا يركِّز على إصلاح النفس كخطوةٍ أوليةٍ في المواجهةِ، فلا بد للنفسِ أن ترقى لمستوى يؤهِّلها لتحمل التبعات الجسام في مجال العمل عمومًا أو في مجال المواجهة التي ستفرض نفسها بعد ذلك.


ثالثاً: وضوح الهدف :

فتحديد الهدف ووضوحه مطلوب عمومًا، وخاصةً عند الأزمات؛ ليعرفَ الإنسان على أي شيء سيثبت أو من أجل أي شيء سيضحي، فغياب الفهم الصحيح للهدف قد يسبب من المشكلات الكثير، يقول يرحمه الله تعالى: "إن دعوة الإخوان المسلمين لم تعد دعوةً محليةً تنحصر في حدود وطنٍ صغير، وإنما غدت عالميةً تشمل العالم الإسلامي بأسره وتوقظ في المسلمين روحَ العزة والكرامة والتقوى، فهي اليوم عنوانُ انبعاث لا نوم بعده، وتحرُّر لا عبودية معه، وعلم لا جهل وراءه، ولم يعد من السهل على أية طاغية أن يحولَ دون انتشار هذه الروح أو امتدادها؛ وما ذاك إلا لأنها تعبيرٌ صادقٌ عن شعور عميق، ملأ نفوس المسلمين جميعًا ويستولي على مشاعرهم وعقولهم، وهو أنهم لا يستطيعون اليوم نهضة بدون الإسلام، فالإسلام في حقيقته ضرورةٌ وطنيةٌ واجتماعيةٌ وإنسانيةٌ "المرجع السابق" فهذه هي أهداف الإخوان المسلمين، عالمية وشمولية الإسلام، وعلى مَن يلتحق بهم أن يفهم ذلك ويدركه ويعمل معهم من أجل تحقيق هذه الأهداف السامية.


رابعًا: الثقة في نصر الله :

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ (الحج: من الآية 40)، ولعلَّ هذه الآية كانت أمام الأستاذ حين قال: "فكونوا مستعدين دائمًا لما يؤدِّي بكم إلى النصر في الحياة، فطهِّروا قلوبَكم وحاربوا أهواءكم وشهواتكم قبل أن تحاربوا أعداءكم.. فنصرة الله في ذات النفس عنصرٌ هامٌّ لطلب النصر من الله، ثم الثقة من نصره سبحانه، ويؤيد ذلك قوله يرحمه الله: "ولم يعد من السَّهْل على أيةِ طاغيةٍ أن يحولَ دون انتشارِ هذه الرُّوح أو امتدادها"، فلنكن على ثقةٍ مـن نصر الله ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم:47) فلنأخذ بالأسباب أولاً، ثم نترك الأمرَ كلَّه لِلَّهِ ونثق بما عند الله، وأن النصرَ قادمٌ لا محالة إذا قدَّمنا له كلَّ ما نستطيع من جهدٍ وبذل وتضحية، وما كان نصر الله للإخوان وإعانته لهم على ما كانوا فيه من شدة وخروجهم ثابتين على الحقِّ غيرِ مبدلين، إلا خير دليل على ذلك. وإن انتشار العمل الإسلامي الكبير هذه الأيام لأكبرُ شاهد، فمن كان يعتقد منذ 45 سنة- أثناء المحنة والقتل والتعذيب والاعتقال وأحكام الإعدام- أنه ستقوم للإخوان قائمة، لم يعتقد ذلك إلا الإخوان فقط، وذلك لثقتهم الفائقة في نصر الله.


خامسًا: الشجاعة:

فهي ركن أساسي وهام في إدارة الأزمة، فإذا وهن القائد أو تخاذل فسينهار كل من خلفه إلا من عصم ربي، ولقد كان الإمام حسن الهضيبي من الشجاعة بمكان ليقف في وجه أعتى التحديات.

يقول الأستاذ أحمد البس (أحد قيادات الإخوان) يرحمه الله- مستشهدًا ببعض عناوين الكتابات التي كانت تحاول أن تنال من عزيمة من يريد أن يخلف حسن البنا-: "من يقبل أن يكون قائدًا لجماعة اشترك الملك ورئيس الوزراء في قتل مرشدهم".

- "من يقبل أن يكون خلفًا لزعيم قُتلَ على قارعة الطريق وتُركَ دمه حتى ينزف كله فيموت".

- "من يتعرَّض لقيادة جماعة منعت الحكومة أن يُشيع جسد مرشدها، وقد حملته النساء على أكتافهن "الإخوان المسلمون" في ريف مصر.

فهذا هو الجو العام الذي قَبِلَ فيه- بعد إلحاحٍ شديد- الإمام الهضيبي قيادةَ الجماعة، فأي شجاعة هذه التي تجعله يَقبل قيادة جماعة في مواجهةٍ مع السلطة وقد يكون مصيره نفس مصير سلفه؟! ولكنها الشجاعة والإيمان الراسخان في النفس ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ( التوبة: 51) وكذلك في مواقفه الكثيرة مع قادة الانقلاب العسكري آنذاك ما يؤكد ذلك.


سادسًا: الحزم والحسم :

وهما عنصران مهمان في إدارة أي أزمة، فهناك لحظاتٌ لا بد من الحزم والحسم؛ حتى لا تستفحل الأمور وتخرجَ عن نطاق السيطرة، ولعلَّ موقف الهضيبي تجاه تصفيةِ النظامِ الخاص أعظم درسٍ على وجوب الحزم في مواجهة مَن يحاول العبث بمقدرات العمل ولا يلتزم بقرارات القيادة، ويعتبر نفسه فوق القيادة وأقوى من الجميع، فقد قرَّر فصل عبد الرحمن السندي- رئيس النظام الخاص- وهو يعلم ما يمكن أن يجرَّه عليه من مصاعبَ ومشكلاتٍ، ولكنها الإدارة الحازمة.

فهناك لحظات حاسمة في تاريخ العمل لا يمكن فيها التهاون ولا تميع المواقف ولا القبول بأنصاف الحلول، فلا بد من موقفٍ حازمٍ واحدٍ لا رجعةَ فيه للحفاظ على وحدة الصف وكيان الجماعة.. شائكةٌ مثل تلك المواقف.. تحتاج لقيادة واحدة ورأي واحد حازمٍ وحاسمٍ ليجتمع الكل عليه، ولأنْ نجتمع على الصواب خيرٌ من أن نفترقَ على الأصوب.


سابعًا: الثبات على الابتلاء:

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 146).

ويقول سبحانه: ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: 1). فالابتلاء طبيعةٌ في الدعوات، والصبر عليها طبيعةُ الأنبياء والصالحين، ولقد صبر الإخوان بفضل الله على الابتلاء الهائل الذي تعرَّضوا له، وضرب الإمام حسن الهضيبي أروعَ المثل في ذلك، يقول الأستاذ أحمد البس: "استيقظ الباطل لتبدأَ سلسلةٌ من المحنِ الجازمةِ والحوادثِ الكالحةِ داخل صفوفِ الإخوانِ وخارج الإخوان، وأخذ الباطل بتلابيب رجال الدعوة، وفي مقدمتهم مرشدهم حسن الهضيبي وأسرته.

فقد نكل به وبمن حوله، وصمد الرجل صمود الأبطال، وضرب المثل المشرف الجميل، تلكأ الإخوان وخرج بعضهم عن قيادته ووصفوه بما لا يليق، وكان هذا كافيًا لأن يفرَّ من الميدان الشائك الملتهب.

كل هذا واجهه حسن الهضيبي، فلم يطرف له جفن ولم تغمض له عين ولم يهدأ له بال من يوم أن أصبح مرشدًا للإخوان إلى أن لقي ربه، اللهم إلا إذا كان هدوء باله وراحة قلبه أن يعمل لربه دون سواه "الإخوان المسلمون في ريف مصر".

ونجد هنا الثبات على الابتلاء المعروف من سجن وتعذيب وإعدام، كما نجد أيضًا الثبات على الابتلاء من داخل الصف فالصف ليس بصف أنبياء ولا رسل، وحدوث أخطاء- صَغُرت أم كَبُرت- أمر وارد ويبقى الثبات على هذا الابتلاء الأليم على النفس بطبيعية الحال وإدارته بحنكة للخروج بأقل الخسائر الممكنة.

ولعلَّ في قول الأستاذ عمر التلمساني- يرحمه الله- أكبرَ دليلٍ على ثباتِ الرجل على عقيدته ومبدأه وعلى أشد أنواع الابتلاء؛ حيث يقول عنه: إنه أكد معالم الفهم السليم للإسلام الصحيح في القول وفي العمل، لم يثنِهِ حبل المشنقة، ولم يرهبْه سجنٌ ولا تعذيبٌ، بل زاده الأمر إصرارًا على إصرار، وصمودًا فوق الصمود.

وصدق الله عز وجل إذ يقول:﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214).


ثامنًا: الثبات على الموقف والمبدأ :

فكما يُقال: "الرجل موقف" ينطبق هذا على الإمام المرشد، فلقد صبر الرجل على مواقفه ومبادئه، ولم يتزحزح عنها قيد أنملة، ولم يَحِدْ عنها لا بتهديدٍ ووعيدٍ ولا بترغيب، وكان هذا واضحًا جليًّا في موقفه من قادة انقلاب يوليو في عدم قبول أي مشاركة ولو نسبية في الحكومة ما لم تطبِّق الشريعة الإسلامية، وهذا ما اتفق عليه قبل الثورة.

لقد ظنَّ قادة الانقلاب أنهم سيغرونه بعدة وزارات أو مناصب ولكنهم واجهوا صنفًا جديدًا من الناس لا يلهث وراء منصب، ولكنه يضحي بكل منصب أو جاه دنيوي في سبيل عقيدته ومبدأه وفكره المستمد من القرآن والسنة، فهنا يبرز ثبات المجاهد الصادق.

وعندما قبل بعض الإخوان بعض المناصب رفض المرشد هذا ولم يقبل بغير استقالتهم من الإخوان؛ لأن الإخوان ليسوا دعاة مناصب ولا سلطة ولا بد أن يثبتوا على الضراء والسراء كذلك.

يقول الأستاذ عبد الفتاح المحروقي في كتابه "في صحبة المرشد العام الإمام حسن الهضيبي" قال (يعني المرشد): كنت أتعامل مع جمال عبد الناصر على أنه أحد الإخوان المسلمين، وكان عبد الناصر يقول لي: أنت والدي وأنا ابنك، وأقول له: لا عذرَ لنا إن لم نحكم بما أنزل الله، فقد صار الحكم إلينا، وهو يقول: يحكم كل منا الإسلام في بيته، أما الدولة فلا شأن لها بذلك.

وإذا كان هذا فكره، وهذا أسلوب الحكم عنده، وأن الدولة لا شأنَ لها في الحكم بما أنزل الله فقد حدَّد موقفنا منه، ونحن على موقفنا في المطالبة بالحكمِ بما أنزل الله، وهل هذا الموقف جريمة تستحق الاعتقال وتعذيب المعتقلين؟ أو تدبير جرائم الاغتيال والقتل؟ نحن لا يهمنا أن نموت شهداء في سبيل هذا المبدأ الكريم، وهو المطالبة بالحكم بما أنزل الله، فهذا يؤكد ثبات الرجل على موقفه في ظلِّ أقصى ظروف المحنة والأزمة، وأنه لا مجالَ فيها للتنازل أو الترخص المذل المهين، والذي سيؤدِّي إلى غضبِ الله لتخلينا عن مبدأ الحكم بما أنزل الله مقابل تهديد أو ترغيب دنيوي زائل.

وفي اعترافٍ صريحٍ بموقف المرشد حسن الهضيبي من الإصرار على تطبيق أحكام القرآن يقول البيان الذي صدر في يوم 15 من يناير 1954م عن مجلس الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين: "... فقال له البكباشي جمال عبد الناصر في منزل الأستاذ صالح أبو رقيق الموظف بالجامعة العربية، وقد بدأ المرشد حديثه مطالبًا أحكام القرآن في الحال، فردَّ عليه البكباشي جمال إن الثورة قامت حربًا على الظلمِ الاجتماعي، والاستبداد السياسي والاستعمار البريطاني، وهي بذلك ليست إلا تطبيقًا لتعاليم القرآن الكريم.." بيان مجلس الثورة.


تاسعًا: لين الجانب ومراعاة لحظات الضعف البشري :

فعلى العكس تمامًا من الحزم والحسم في إدارته للأزمات السابقة من حل للنظام الخاص وعدم التنازل عن أي مبدأ لرجال الحكم آنذاك نجده لين الجانب مع إخوانه يتعامل معهم بروح الأب الحنون.

يقول الأستاذ عبد الفتاح المحروقي: "كان رحمه الله تعالى يلقي إليَّ بهذه الأفكار في هدوء عميق جعلني أشعر أنني أعيش مع أبي، وأن أبوتَه لي أبوةٌ حانيةٌ كريمةٌ، بالإضافة إلى أنه مرشدي وإمامي، فكان تقديري له تقديرَ الابن البارِّ بأبيه الحاني الكريم بالإضافة إلى أنه مرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين التي امتدَّ نشاطها إلى كل أنحاء العالم" (كتابه السابق).

وبينما هو يتعرَّض في السجن للتعذيب الوحشي والإهانات المتلاحقة في ظل ظروف صحية متدهورة، نجده يحرص على إخوانه ويشفق عليهم من ظروف المرحلة، حتى من طلب منهم أن يؤيِّدَ النظامَ ويخرج من السجن لم يمنعْه أو حتى يعارضْه أو يناقشْه، فلم يُذكر عنه أنه منع أحدًا أو حتى ناقشه في مواقفَ اتخذها تجاه النظام ليخرج من السجن، فقد سمح لكل من جاء يطلب الأذن باتخاذ موقف التأييد، وكان يرفع عنه الحرج.

فقد كان ينظر للحظات الضعف البشري التي تنتاب النفس بمنظور القائد الإنسان، فهو لا يريد أن يُحمِّل إخوانه فوق طاقتهم أو أن يضعَ نفسه في موقف المقارنة أو التفضيل مع الذين يريدون الخروج.

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ (آل عمران: من الآية 159).


عاشرًا: مراعاة الضوابط الشرعية :

فلقد أرسى ورسَّخ- يرحمه الله- قاعدةً عامةً وهي عدم جواز اجتماع الصف على رخصة؛ فهو وكثير من الإخوان لم يؤيِّدوا ولم يخرجوا من السجن، وعندما ناقشه بعض الإخوان عن سبب سماحه لكل مَن جاء يطلب التأييد والخروج بذلك، قال: ألم يشاهدوني فأني لم أؤيد. فهو لم يؤيد ليخرج من السجن وهو في ذات الوقت لم يقف في وجه الطبيعة البشرية ولحظات الضعف التي تنتابها، فمن جاء ليستأذن سيخرج وسيؤيد فلماذا الإحراج ووضعه في موضع المفاضلة وتجرئته على قراراتِ القيادة، وهنا تكمن حكمة القائد في تقدير المواقف وتأصيلها شرعيًّا وعدم وضع إخوانه موضع المفاضلة بين العمل ولحظات ضعفهم.

وكذلك موقفه من فكر التكفير- كما سيأتي- دليل واضح على لزوم الضوابط الشرعية في مختلف الظروف الصعبة التي قد تمر بالداعية والعمل.


حادي عشر: وحدة الصف والحفاظ على سلامة الأفراد :

يقول الله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تََفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، ويقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ (الصف:4)، ويقول: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية46)، فالآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة والمواقف المؤيدة لها من السنة المطهرة كثيرة كذلك، ولقد حرص الإمام- يرحمه الله- أيما حرص على وحدة الصف بدأ من حزمه الشديد في تصفية النظام الخاص، وحرصه على لمِّ شمل جميع الإخوان ثم زياراته للعديد من قرى مصر على الرغم من سوء حالته الصحية ومن الشيخوخة التي يعاني منها.

يقول الأستاذ أحمد البس: "وسار بالدعوة يدفعها للأمام، وكان قليلَ الكلامِ قليلَ الحركةِ قبل دخوله الإخوان، يعاني الشيخوخةَ والمرض، فإذا به من النصحاءِ الحكماءِ يخطب بالساعاتِ ويتحرك بالليل والنهار، يزور البلاد ويواجه المشكلات ويتعرض للأزمات والدعوة منطلقة من بين يديه وبمساعدة الإخوة الخلصاء، وقبل هذا بتوفيق الله تعالى إلى بلوغ مناها من تجميع وتكوين وتركيز وإصرار" (كتابه السابق).

لقد كانت وحدة الصف من أهم أولويات الإمام، ولقد وفقه الله سبحانه أن يجمع الأخوان ويوحِّدهم بعد ما ظن البعض أن الخلافات الداخلية قد تأتي على الإخوان وتفرقهم، وعندما عرض عليه بعض رجال الدولة أن ينضموا لهيئة التحرير- التي أنشأوها لضرب الإخوان أصلاً- رفض؛ لأن في ذلك تفريقًا للصفِّ وحيادًا عن المنهج والأمانة التي أولاه إياها الإخوان.

وكذلك في سماحه لبعض الإخوان الذين جاءوا يطلبون الإذنَ بالتأييد للخروج من السجن وويلاته لدليلٌ على وحدة الصف، فهو لا يريد أن يخسرهم أو يصنفهم على أنهم خارج الصف، فهم من الإخوان وإن ضعفوا في لحظة من اللحظات.

ومن أبرز الأمثلة على حفاظ الإمام حسن الهضيبي على وحدة الصف وسلامة الأفراد عندما حاول عبد الناصر أن يأخذ منه أسماء أعضاء النظام الخاص، يقول الأستاذ عبد الفتاح المحروقي:

"قال (عبد الناصر): وتعطيني أسمـاء أعضاء النـظام الخاص (الجهاز السري) لأراقبهم. قلت (المرشد): لتعتقلَهم.. أليس كذلك؟ لا.. أنا لا أوافق على إعطائك أسماء الإخوان، لأن ذلك يعتبر خيانةً مني، ولقد وضعت أنت يا جمال الأسلحة في مخزن في ضيعة (عزبة) مباشر عزبة والد الأستاذ حسن عشماوي سنة 1952م بعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952م وفي يناير 1954م قبضت على حسن العشماوي وقدمته للمحاكمة بتهمة حيازة الأسلحة" (كتابه السابق).

فأي عظمة يشملها هذا الموقف بأنه يحمي الصف بنفسه وأنه يقول كلمة الحق لسلطانٍ جائرٍ في وجهه لا يخشى في الله لومة لائم، فهكذا ينبغي أن تكون القيادة تحافظ على إخوانها وتدافع عنهم وتحميهم بنفسها إذا اقتضى الأمر ذلك.

وهذا كله يحمي الصف ويقويه، ولقد كانت لهذه المواقف والكثير غيرها أكبر الأثر في إثراء روح الأخوة ووحدة الصف، مما أثَّر على صمود الإخوان- بعد فضل الله- للمحن المتتالية في صف متين صعب على أعدائهم هدمه أو النيل منه.

فهذا يعني أن يكونَ نصب أعين من يدير أزمة إن وحدة الصف وسلامته وسلامة أفراده هدف إستراتيجي لا يمكن الحياد عنه.


ثاني عشر: مواجهة أي بوادر لانحراف الفكر :

وأبرز دليل على ذلك عندما بدأ في الظهور داخل المعتقلات فكر التكفير تحت وطأة التعذيب والامتهان الذي تعرضوا له في السجن، فكان المرشد سبَّاقًا لمواجهة هذا الفكر وتفنيده وأصدر كتابه القيم "دعاة لا قضاة" ليضعَ الأسسَ الصحيحةَ في هذا الموضوع، وليعيدَ الفهم الصحيحَ لعقول مَن انحرف بهم الفهم، وكذلك وضع الضوابط الشرعية التي تحكم هذه المنطقة الحساسة في التعامل بين الحاكم والمحكوم وموقف الإسلاميين ممن بغوا عليهم.


ثالث عشر: استشراف المستقبل:

فالحفاظ على الأهداف المستقبلية للعمل والحركة واجبٌ على مَن يدير الأزمة، فطبقًا لها يستطيع أن يأخذ قراره بوضوح تام.

كما يجب عليه أن يتمتعَ بسرعة اتخاذ القرار السليم المناسب طبقًا لأولويات الحركة وأهدافها المستقبلية، فقد يكون القرار سليمًا ولكنه غير مناسب لمرحلة ما، فلذلك لا بد أن يكون القرار سليمًا ومناسبًا في الوقت نفسه، ونرى هذا واضحًا في موقف الإمام الهضيبي من قادة الانقلاب وعدم تعاونه معهم وقبول بعض المناصب الوزارية، فالإخوان أهدافهم أسمى وأنبل وأرقى من أن تُقاسَ بمناصبَ وزاريةٍ زائلةٍ، فمستقبل الجماعة كان أمانةً بين يديه لذلك رفض هذا العرض، فإما تطبيق كامل للشريعة يتبعه مشاركة في الحكم (حسب المتفق عليه قبل الانقلاب) وإما عدم تطبيق، وعندها فلا مشاركة، وذلك لما يتبعه من إضفاء شرعية للنظام، وقد كان في أمس الحاجة إليها، فتلك قضية لا تقبل الحلول الوسط، وهي في الوقت نفسه تمس مستقبل الجماعة ومدى مصداقيتها لدى جموع الناس.

فتلك بعض الأسس التي اتبعها الإمام حسن الهضيبي- يرحمه الله- في إدارته للأزمات الطاحنة التي مرَّت به داخليًّا وخارجيًّا، والتي استطاع بفضل الله أن يبليَ فيها بلاءً حسنًا، وأن يخرجَ منها بأفضلَ وأطيبَ النتائج.

لقد كان من أعظم قادة العمل الإسلامي في إدارة الأزمات، فكان حازمًا وقت الحزم، ولينًا وقت اللين، وحاسمًا وقت الحسم، ورحيمًا وقت الرحمة، وقاضيًا وقت العدل، وفقيهًا وقت الفتوى، وهذه هي أبرز الصفات الواجب توافرها فيمن يدير الأزمة، فليس كل وقت يستحق الحزم أو الحسم أو اللين؛ فلكل موقف وضعه ورؤيته وقراراته، ولكل أزمة طبيعتها التي تستوجب علينا التعامل معها بما يلائمها، رحم الله الإمام الصابر المحتسب- الذي لم يُوفَّ حقه لليوم- حسن الهضيبي، وجعل ما بذل في سبيله في موازين حسناته، وجمعنا وإياه في مستقرِّ رحمته